هل يصح ما يقال أن لا ربا في الفوائد المصرفية ولا في تبديل العملات الأجنبية ؟

ورد الي هدا المقال واريد الاستضاح ..لاربا في الفوائد المصرفية ولا في تبديل العملات الأجنبية لابد من الوقوف على المعنى الحقيقي للنقد المعاصر والذي هو في الاصل لم ينشأ إلا للدفع وحفظ القيم، على اعتبار أن قيمته المادية اسمية فقط -valeur faciale-، وليست جوهرية -ذاتية- -valeur intrinsèque- كما كان الامر عليه ايام ظل سك النقود من المعادن الثمينة والتي على اثرها تتحدد قيمة النقد وزنا وحجما وشكلا. بمعنى ابسط، ان واحد دينار ذهبي قديم لا يتعدى وزنه خمسة غرامات ذهب، يعادل بالدينار الجزائري خمسا وعشرين ألف دينار. ثم ان قيمة الدينار الذهبي القديم ثابتة لا تتغير، وأما الخمس وعشرون ألف دينار جزائري فقيمتها متناقصة بفعل ظاهرة التضخم الطبيعي. من زاوية أخرى.. عندما انشئ الدينار الجزائري العام 1964م، بدأ بقيمة واحد دينار يساوي 0.18 غرام ذهب.. يعني أن خمسة دنانير ايامها كانت تعادل ما يقارب واحد غرام ذهب. أما اليوم فقد أصبحت قيمة واحد غرام ذهب تعادل خمسة آلاف دينار. فبقدر ما نقول بأن الدينار قد فقد من قيمته الأصلية ، نقول كذلك بأن الذهب قد حافظ على قيمته الحقيقية... وظاهرة التناقص في قيمة النقد تمس بكل العملات العالمية من دون استثناء، وبغض النظر عن قوة الاقتصاد هنا او هناك. ان سحب العملة منذ ظهور البنوك المركزية كمؤسسات نقدية -سكا وطباعة- يعتمد على بيانات ومعطيات مالية اقتصادية جد محددة بحيث تكون فعالية الاداء الاقتصادي -انتاجا وانتاجية- من اهم دعائمها. وعليه فقد اصبح الثراء لا يحدده حجم الكتلة النقدية المتداولة وانما يتحدد بقيمة النقد المتداول ومدى ثباته ومحافظته على التوازنات المالية امام الهزات والازمات التي قد يمر بها اقتصاد هذا البلد او ذاك. وتبعا لما سلف، فإن الفريق القائل بربوية الفوائد المصرفية، وأغلب هؤلاء من علماء البلاط للممالك والإمارات الريعية التي يعتمد اقتصادها بالأساس، لا على النظرية العلمية التي تقدس الجهد وتبجل الحركة وتدعم الابداع والابتكار، ولكن يعتمد على عوائد الثروات الطبيعية التي لا جهد ولا ذكاء ولا فضل إلا لله وحده في وجودها. هؤلاء لم يتغير خطابهم اتجاه ظاهرة الفوائد مذ عرفوا البنوك وذاك عهد ليس ببعيد، معتمدين منذ البدء على تفاسير القاعدة الفقهية القائلة بأن كل زيادة محددة مسبقا على رأس المال سواء بالأخذ أو بالعطاء فهي من قبيل الربا المحرم شرعا.؟؟ لكن قبل أن نسلم بهذه الفتوى ونأخذ بها دون نقاش لابد لنا من أجوبة صريحة مقنعة حول مسائل مختلفة نحسبها مهمة في هذه القضية؛ 1- تقييم رأس المال: بما يمكن تقدير رأس المال في عصرنا هذا؛ بالدينار، بالأورو، بالين، بالدولار.. بأية عملة يمكن ذلك..؟ مع العلم أنه مهما تكن قوة العملة التي يتسمى بها رأس المال فإنها تتعرض إلى ما يعرف بالتضخم كظاهرة وجدت مع ظهور الاقتصاد النقدي، حيث يفقد النقد من قيمته بنسبة منتظمة في الظروف الطبيعية، وبالتالي فإن نسبة الفائدة التي لا تتجاوز نسبة التضخم فهي لا تعد زيادة أو ربحا بقدر ما هي هامش مضاف للحفاظ على القيمة الحقيقية لرأس المال. 2- الشخصية المعنوية: ما حكم الفقه فيما يتعلق بالشخصية المعنوية -الاعتبارية-..؟ والتي أصبحت في عصرنا هذا كيانا ذا شأن كبير في احتكار مصادر التمويل وملكية رأس المال. ثم أن هذا الكيان "الافتراضي" صار يتمتع بحقوق الشخصية الطبيعية ويتحمل التزاماتها اتجاه الغير -من منظور النصوص القانونية الوضعية طبعا-، فهي بذلك، أي الشخصية المعنوية، تكون قد استحالت عبئا فقهيا يوجب النظر وإعادة النظر في شكل ومضمون وهيئة وعلاقات هذا الكيان مع الآخر. 3- أسواق المال وتداول القيم "البورصات": ما موقف فقهاء الاقتصاد الاسلامي من هذه الظاهرة الاقتصادية، خاصة وان نشاطها يبقى متعلقا بالقيم المنقولة وتوظيف الأموال في نشاط استثماري "وهمي" غير فعلي.. مع العلم أن هذه الأسواق كانت سببا مباشرا في جمود ثم انهيار النظام الاقتصادي العالمي. 4- ما موقف فقهاء تحريم الفوائد البنكية من الذين يجمعون الأموال عن طريق ما يسمى "البنوك الإسلامية" ثم يصرفونها في تمويل مشاريع ونشاطات اقتصادية وانسانية غير اسلامية بل ومعادية للاسلام شعوبا وتاريخا وحضارة.. وبخاصة النشاط الاعلامي من خلال قنوات العري والاستهتار بالقيم والاخلاق الاسلامية... ما موقف هؤلاء من ربط قيم عملات بلدانهم بقيمة الدولار الامريكي او ما يعرف "بزواج المتعة" المالي الذي يحد من السيادة المالية والاقتصادية لهذه الدول..؟؟

على كل حال هذا السؤال ليس جديدا كما يبدو من ظاهرهفقد أجبنا عن أسئلة كثيرة من قبل مثل هذا السؤال وقد ألفت كتابا كاملا في موضوع النقود وإستبدال العملات يمكن الرجوع اليه فلعل السائلة إذا رجعت إليه تغير نظرتها إلى النقود المتداولة والنقود السلعية التي كان التعامل بها سابقا واسم الكتاب ( النقود واستبدال العملات ) فعليكم بالرجوع إلى الكتاب ولو بدا لكم أي سؤال أرسلوه لنا .